يركز
الكثير من المعماريين الشباب اليوم، على تحقيق تصاميم جذابة ومتطورة. كنوع من
الدلالة على تمكنهم أو مهاراتهم التنافسية في سوق العمل المفتوح. إلا أن الغالبية
العظمى من هذه الأعمال تفتقد للروح، فهي جامدة لا تعكس سوى التطور والتكنولوجيا
والمواد الحديثة. يختلف الأمر تماماً بالنسبة للمعمارية الكويتية سارة صادق،
فالعمل المعماري هو نتاج للتواصل، ومشاركة الأفكار والبحث في القصص ، أو يمكن
القول بأنه نتاج لعلاقة صداقة بين عميل ومعماري
من
هذه الزاوية يمكن قراءة أعمال المعمارية سارة صادق، فأعمالها تتميز بالتفاصيل
كأسلوب قصصي للعمل المعماري، حيث تقف خلف معظم التفاصيل حكاية أو قصة يمكن أن
يرويها العميل أو الساكن، للأقارب والأصدقاء، الأمر الذي يحقق المزيد من
(التواصل). في لقاء سريع أجريناه مع المعمارية ساره، تقول بخصوص ذلك (كنت دائماً مهتمة
بالتواصل مع الناس والتعرف على إحتياجاتهم، قد يكون لهذا السبب أردت أن أكون
طبيبة. لكن عند دراستي للعمارة أكتشفت منحى جديد من التواصل، ليس من خلال آلامهم،
ولكن من خلال أحلامهم للمسكن والحياة والمستقبل)
معمارياً،
تعتمد ساره على الكتلة كنقطة إنطلاق في التكوين المعماري، هذه الكتل عادة ما
تنظمها وفق عدد من الأساليب، أحياناً متراكبة وأحياناً أخرى متداخلة. لكنك لا تجد
كتلة وحيدة صماء للمبنى. يشبه هذا التوجه ماقام به المعماريون الحداثيون المتأخرين
أو ما يعرف بـ (Late
Modernism) واللذين أعادو توظيف الحداثة مرة أخرى في أوائل التسعينات ولكن
بتوظيف هندسي أقوى من ذي قبل، كريتشارد ماير، نورمان فوستر، مايكل جريفز وغيرهم.
قد يعود ذلك إلى دراسة سارة العمارة في جامعة (روجر ويليامز) بالولايات المتحدة،
حيث كان الإحتكاك أكبر وأوسع خصوصاً في أساسيات التكوين للعمل المعماري. إلا أن
ساره لا تعتمد الأسلوب بشكل كلي، فهي تنطلق من نفس المبدأ، ولكنها تعالج العمل
المعماري وفق رؤيتها الخاصة، وهذا مايميز العمل في شكله النهائية.
بشكل
عام يمكن القول، بأن المعمارية تعتمد في معالجاتها على عدد من الأدوات حسب رأينا، أول
هذه الأدوات هو الضوء، والذي يلعب دوراً إزدواجياً للفراغ الداخلي والخارجي على حد
سواء في أعمالها، ولذلك نجد أن النوافذ ليست مجرد فتحات لدخول الضوء، ولكن عنصر
معماري يسمح بتوفير الضوء المناسب للفراغ الداخلي، ولوحة خارجية تكمل الواجهات
الخارجية. هي تتعامل مع الضوء كأداة تحدد وتفصل الكتل من خلاله بشكل أنيق وبسيط
بنفس الوقت. الأداة الثانية هي (المواد)، ونقصد بذلك مستوى التشطيب، والذي يعكس
معرفة بالمواد المتاحة وكيفية التنسيق بينهم في إطار يخدم العمل المعماري، أما
الأداة الثالثة فيه (التفاصيل) والتي يمكن أن تضع المشاهد في حيرة من أمره، حول
إذا ما كان العمل حداثياً أو كلاسيكياً أو حتى بطراز عربي. والحقيقة أن هذا ما
يجعل للمعمارية (سارة) خطها الخاص، فلو تناولت أعمالها لوجدت أنها تنطلق من نفس
المبدأ وبنفس الأسلوب رغم إختلافها، من حيث المساحة أو حتى الإستخدام، إلا أن
المعالجات تشير إلى أن هناك معماري واحد يقف خلف هذه الأعمال. هذه القراءة جعلتنا
نتسائل، عن ما إذا كانت فرصة حقيقة للمعماريين الشباب في إيجاد خطوط خاصة بهم،
خصوصاً في ظل التنافس العالي في البيئة المحلية، من خلال المكاتب الهندسية المحلية
وحتى الأجنبية، تجيب المعمارية سارة بهذا الخصوص (من الصعاب التي تواجه المعماريين
الشباب اليوم، هو تحديد خط تصميمي يميزهم عن بقية المنافسين، سواء في البلد نفسه
كالكويت مثلاً والتي تضم ما يقارب (300) مكتب هندسي، أو حتى على مستوى الخليج
العربي كمعماري متواجد، الأمور اليوم تختلف عن سبعينات القرن الماضي، خصوصاً عندما
يتعلق الأمر بثقة العملاء) وتضيف (من خلال رؤيتنا الخاصة، وتطوير طريقة تواصلنا،
تمكنا من استقطاب العديد من المشاريع، تصل إلى (100) مشروع على مستوى الكويت، و
(20) مشروع على مستوى الخليج العربي) وعن سؤالها حول ما إذا كان هناك توجه بيئي
لأعمال المعمارية، كون أن الغالبية اليوم، خصوصاً من المعماريين الشباب تتجه نحو
البيئة، كتوجه حديث، تجيب سارة( ليست الراحة الحرارية أو البيئة هي الأشياء
الوحيدة التي يجب التنبه لها في العمارة، الأهم هو المستخدم الأساسي لها (الناس)
ومن حولهم) وتضيف (لاشك أن توظيف هذه المعايير مهم جداً لأي مشروع، إلا أن التحدي
الحقيقي يكمن في موازنة التصميم بين الإبداع والوظيفة) وعن مدى قدرة المعمارية
المحلية للمنافسة، تعلق (أعتقد أن المعمارية العربية قادرة على تحقيق الكثير في
مجال العمارة، (زها حديد) تعد نموذج يمكن أن نتعلم منه، لكن قضية المنافسة على
المشاريع والمسابقات الكبرى، تعود للمعماري نفسه وإختياره بين الدخول في هذا
العالم أو التركيز على العمل عن قرب مع عملائه، علينا كمعماريين أن نقرر أولاً
أيهما نختار)
تعمل
اليوم المعمارية سارة صادق من مكتبها الخاص بالكويت، ليس في الكويت وحسب بل في دول
الخليج عموماً. في بالإضافة إلى المشاريع الجاري تنفيذها في الإمارات والمملكة
العربية السعودية، تعمل اليوم المعمارية سارة صادق على تصميم لمنتجع في أبوظبي،
وقد وقعت عقد لتصميم ثلاث مشاريع في لؤلؤة قطر، فعلى حد تعبيرها (العديد من
الأحلام تخطر في ذهني يومياً، أهمها ..كيف لي أن أساهم في جعل الكويت مكان رائع
للحياة والسكن بمنازلها وأحيائها، في تطوير جزرها ومنتجعاتها.. كما قلت الكثير من
الأحلام أسعى لتحقيقها ) وتضيف (أتمنى أن أكون نموذج للمعمارية العربية المبدعة،
وأيضاً أن أجعل من أبنتي (غالية) فخورة بي).
للمزيد
عن أعمال المعمارية سارة صادق