في
الآونة الأخيرة، كثر إقبال الشركات والدوائر الحكومية لاعتماد تصاميم المكاتب
والأقسام التابع لها بنظام التصميم المفتوح أو ما يعرف بـ (Open floor Plans)
لاعتقادهم أن هذا النوع من التصاميم له فوائد كبرى تنعكس على الشركة وأداء
موظفيها. فالنظرة السائدة تقول بأن نظام التصميم المفتوح يسمح لمزيد من التعاون بين
الموظفين ويعتبر أكثر فعالية من حيث التكلفة، بالإضافة إلى أنه يساعد على منح
المكاتب سمة حديثة ومعاصرة. إلا أن مشكلة هذا النوع من المكاتب المفتوحة، تكمن في
كيفية الحفاظ على نظافة هذه البيئات من الملوثات الضارة، والتي قد تؤثر على
العاملين فيها، وبالتالي صعوبة المحافظة على إنتاجية عالية لمستخدمين هذه
الفراغات. هذه الإشكاليات، تعتبر من أهم التحديات التي تواجه مدير المرافق
والمنشآت لهذا النوع من المكاتب
تكمن
الإشكالية الأولى للمكاتب المفتوحة، أنها
بلا جدران أو حواجز، هذا التصميم، والذي يراه البعض ميزة أو خاصية، يساعد
بشكل كبير في نقل الجراثيم بين الموظفين بل ويساهم في أن تنتقل بحرية أكبر. الأمر
الآخر والمتعلق بإشكاليات المكاتب المفتوحة، أن تصاميمها المفتوحة قد تساهم في
تقليل إنتاجية العاملين فيه وانشغالهم عن أعمالهم، كون أن عملية التواصل تعتبر
عالية جداً في ظل انعدام الخصوصية أو الإنغلاق، سواء من خلال الإزعاج أو الملهيات
التي قد تعيق وتقلل
التركيز
على أداء المهام والعمل. لذلك، يجب على مدير المرافق والمنشآت الأخذ بعين الاعتبار
جميع المحددات والاعتبارات، التي تساعد على توفير بيئات صحية للعاملين في مثل هذه
البيئات. لأن التخطيط السيئ في مثل هذه
الحالات كزيادة كثافة العاملين في مكان عمل مفتوح ومحدد وتداخل مسارات الحركة مع
الفراغات الخاصة للمكاتب، يعتبر من أسوء المشكلات التي يقع فيها مدير المرافق
والمنشآت، مما تنقلب سلباً على أداء العاملين فيها وتقلل من إنتاجيتهم. لذلك،
لتقليل النتائج السلبية في أي مساحة مفتوحة، يجب أن يكون لدى مدير المرافق والمنشآت، خطة واضحة
ومنهجية للصيانة، كالحفاظ على كثافة مناسبة وجعل بيئة العمل أكثر صحية (Well-being) والاهتمام بجودة التهوية الداخلية (Indoor
Air Quality). وهناك العديد من المحددات التي يجب على
مدير المرافق والمنشآت أخذها بعين الاعتبار لكي يقلل من النتائج السلبية لنظام
تصميم المكاتب المفتوحة، والتي تكشف لنا مدى الآثار السلبية للمكاتب المفتوحة من
حيث إدارتها كمرفق، فلو تناولنا محدد الكثافة للفراغ على سبيل المثال، من حيث حساب
كثافة العاملين المناسبة ضمن الفراغ المحدد، والذي يُعد أحد أهم المحددات لتشغيل
وإدارة المكاتب المفتوحة، لوجدنا أن عدم التفكير في مقدار استيعاب أي فراغ مفتوح
ومحدد، يؤثر في زيادة تكلفة أعمال النظافة المطلوبة في المتر المربع الواحد من
الحد الطبيعي، وهو ما يعني أو ينتج عنه زيادة في تكلفة تشغيل وصيانة الفراغ، بسبب
الاستهلاك الكبير للطاقة والوقت اللازم للنظافة، ناهيك عن توفير العمالة اللازمة
للقيام بهذه المهمة على أكمل وجه. أضف إلى ذلك، الضغط الكبير على حجم الاستهلاك
المرتفع، مثل الازدحام على دورات المياه الخاصة لكل قسم، وما ينتج عنه من زيادة في
وقت الانتظار داخل دورات المياه واستهلاك مفرط للمحارم الورقية وسوائل غسيل اليد
وغيرها من المنظفات الضرورية لحماية البيئة المشتركة، حيث أن أي نقص في هذه المواد
الاستهلاكية تؤثر سلباً على صحة العاملين في هذا الفراغ المفتوح. هذا محدد واحد
فقط، فما بالك بالمحددات الأخرى؟
يعتبر
توفير بيئة صحية وآمنه للعاملين في الفراغ المفتوح من المحددات التي تأخذ مساحة
كبير من اهتمام مدير المرافق والمنشآت. لأن نظام المكاتب المفتوحة يساعد على زيادة
مساحات الاتصال المباشر بين الموظفين العاملين فيها من خلال والمساحات التعاونية
المشتركة التي تتخذ أشكالا عديدة فمثلا عادة ما يكون هناك فراغات خاصة للقيام
بالاجتماعات الجانبية وفراغات لتلقي المكالمات الجماعية وفراغات العصف الذهني مما
تساعد هـذه الفراغات على نقل الجراثيم من خلال المشاركة في الأجهزة والاثاث
المكتبي. لذلك، تلبيتاً لهذا الطلب يجب على مدير المرافق والمنشآت التأكد من
الاستراتيجية المطبقة فيما يخص برنامج التنظيف لمثل هذه الأماكن غير التقليدية مع
التأكيد على توفير المواد التي تقلل من انتقال الجراثيم والبكتيريا والفيروسات بين
مستخدمين المكان المفتوح. وذلك يُنصح باستخدام مزيج من المواد المطهرة والملابس
التي تساعد على قتل البكتيريا بشكل فعال وتقوم على إزالة الفيروسات وخاصة عند نقاط
الاتصال الأكثر شيوعاً مثل مقابض الأبواب وأزرار المصاعد إضافة الى ظهور الكراسي
ولوحات الشرح وآلات القهوة. ثالثاً، أثبتت العديد من الدراسات بأن هناك ارتباط
وثيق
بين
صحة الموظفين وجودة الهواء (Indoor Air Quality) في الأماكن المفتوحة المغلقة. لذلك، ينبغي على مدير المرافق
والمنشآت عمل أفضل الطرق لتحسين نوعية الهواء الداخلي للحد من العديد من الجسيمات
الضارة المحمولة جوا التي تدخل المنشأة. على سبيل المثال، حصيرة المدخل او قطعة
السجاد التي توضع عادة عند مدخل المبنى يجب أن توضع وتركب بالشكل الصحيح لأنها
تعتبر من أهم العناصر التي تساعد في تقليل البكتيريا التي تنتقل عن طريق الاحذية
من الخارج لداخل المبنى. إضافة الى ذلك،
يجب على مدير المرافق والمنشآت التأكيد من استخدام المواد تنظيف كيميائية خضراء
التي أصبحت من الممارسات المعتادة والمهمة التي تساعد على جعل الهواء نظيف وصحي.
أيضا، التأكد من سلامة المعدات المستخدمة لتنظيف المبنى التي يمكن أن تحدث فرقا في
نوعية الهواء في الأماكن المغلقة فمثلا يطلب من المكانس الكهربائية ان تكون ذات
معايير محددة (يجب أن ألا تطلق أكثر من 100 ميكروغرام من جزيئات الغبار لكل متر
مكعب من الهواء) وأن يتم استخدام نوعية من السجاد ذو رطوبة منخفضة جداً مما يقلل
من فرصة العفن. ومن أهم العوال التي تحافظ على جودة الهواء هو صيانة وحدات التكييف
بشكل أساسي ودوري وان تتم في فترات متقاربة جدا للتأكد من الأداء الوظيفي لوحدات
التكييف ونظافة فلاتره.
في
النهاية، تعتبر نظام المكاتب المفتوحة من النظم التي تتطلب عمل مضاعف مدير المرافق
والمنشآت التي تتطلب خبرة في كل من المجالات المذكورة أعلاه التي تساعد على خلق
بيئة منتجة مفعمة بالحيوية بشكل تسمح للتمتع بالمميزات التي صُممت من أجله مثل
الفعالية من حيث التكلفة، وتحسين التعاون بين الموظفين، وحتى الاستدامة. ويجب أن
يعلم صاحب المنشأة بأن أي استثمار لتوفير بيئات عمل آمنه وصحية سوف تعود عليه
بالنفع الكبير على المدى الطويل وكما قالو قديماً "درهم وقاية خير من قنطار
علاج."