هناك عدد
من المعايير الأساسية في تخطيط وتصميم الأحياء السكنية، والتي تعد بمثابة خطوط
أساسية لتصميم أي حي سكني، هذه المعايير تعالج العديد من المحاور والمتطلبات
الرئيسية للحي السكني، إلا أنها تعتبر الحد الأدنى من المعايير التي يجب توفرها
ضمن أي حي سكني. وسنتناول هذه المعايير بشيء من التفصيل.
المعيار
الأول: المناطق الطبيعية (Natural Areas):
يخلط
البعض بين المنطقة الطبيعية والمنطقة المفتوحة، على الرغم من أن هذين المصطلحين
يختلفان على مستوى التخطيط، يقصد بالمناطق الطبيعية بأنها الملامح الطبيعية في
موقع الحي السكني والتي يتم المحافظة عليها من ضمن المخطط التخطيطي للحي السكني.
وبالرغم من أن المناطق الطبيعية تختلف من منطقة لأخرى حسب موقعها الجغرافي، إلا أنه يمكن رفع نسبة
المناطق الطبيعية من خلال إضافتها في التصميم وإيجاد بيئات طبيعية محلية تتماشى مع
الظروف المناخية لموقع الحي السكني.
المعيار
الثاني: تنوع استعمالات الأراضي (Mixed land use):
يعد
التنوع في استعمالات الأراضي من أهم سمات وصفات الحي السكني الجيد، ويقصد بالتنوع
هو أنه يمكن ممارسة العديد من النشطة داخل الحي، من سكن، عمل، ترفيه، رياضة، أنشطة
اجتماعية، تبضع..الخ. ويعد التنوع معيار مهم إذا ما تم تنفيذه بالشكل المطلوب، إلا
أنه قد يكون أحد سلبيات الحي السكني في حال عدم وجود التوازن بين الاستخدامات
المختلفة داخل الحي.
المعيار
الثالث: تنوع وسائل المواصلات (Multi-Modal Choice):
من ميزات
أي حي سكني، هو تعدد وتوع خيارات المواصلات للساكنين والزوار على حد سواء. أو ما
يعرف في علم التخطيط بالوصولية (Accessibility). تكمن أهمية التنوع في وسائل النقل في
تقليل تكلفة السكن في الحي السكني، فعندما يمكن الوصول إلى الحي السكني وفق عدد من
الخيارات، فأن ذلك يضيف قيمة إضافية للحي وترابطه مع المحيط. يدخل ضمن هذا المعيار
أيضاً توفر المواقف للسيارات، أماكن توقف حافلات النقل وقرب محطات المترو العام
للمدينة. بالإضافة إلى الشوارع الرئيسية والفرعية وممرات المشاة والمسارات الخاصة
للدراجات الهوائية.
المعيار
الرابع: النسيج المتضام والكثافة السكانية (Compact Urban Form
and Density):
يعتبر
هذا المعيار من المعايير المهمة والحرجة في نفس الوقت، والسبب في ذلك أن أي إخلال
بتصميم النسيج المتضام ونسب الكثافة، قد يحول الحي السكني إلى منطقة مكتظة
بالسكان، وبالتالي زيادة الضغط على الخدمات والبنية التحتية أو الفوقية. يهدف
النسيج المتضام إلى زيادة عدد من المعايير الثانوية في الحي السكني، كزيادة فرصة
السكن والوحدات السكنية، ورفع مستوى التفاعل الاجتماعي أو حتى زيادة المردود الاقتصادي.
إلا أن مشكلات النسيج المتضام قد تظهر مع مرور السنوات إذا لم يتم دراسة النمو
بالشكل الصحيح. فهناك العديد من الأحياء السكنية التي بدأت على أنها أحياء جيدة
كبيئة سكنية، لكن سرعان ما تحولت مع الزمن إلى أحياء مكتظة وتسكنها فئات اجتماعية
فقيرة.
المعيار
الخامس: توفير الحدائق والفراغات العامة (Integrated Parks & Community
Spaces):
من المهم
جداً في الحي السكني مراعاة الجانب الاجتماعي من خلال توفير الفراغات الملائمة
للنشاطات الجماعية. الحدائق والمنتزهات على سبيل المثال توفر فراغ جيد للتواصل الاجتماعي
بين السكان داخل الحي السكني. ولا يقف الأمر عند المنتزهات بل أن المراكز الاجتماعية
كالمكتبات، قاعة المناسبات والمراكز العامة، تشكل عناصر فراغية ممتازة لزيادة
التفاعل في الأنشطة الاجتماعية. يرى بعض المخططين وحتى المهتمين في علم الاجتماع،
أن هذه الفراغات تعتبر متنفساً جيداً للأحياء السكنية وقاطنيها. فهي تزيد من تفاعل
السكان مع المحيط السكني وتكوين العلاقات مع الآخرين وتبادل المعرفة والخبرات
ومشاركة الهويات والأنشطة الاجتماعية. يساهم ذلك في تحسين مستوى القيمة الاجتماعية
للسكان ويقلل العديد من الضغوطات التي تواجه المجتمعات والأفراد في المدن على حد
سواء.
المعيار
السادس: تنوع فرص وخيارات السكن (Housing Opportunity & Choice):
من
مواصفات الحي السكني الجيد، هو تنوع خيارات وفرص السكن، فكل حي سكني لابد أن يحتوى
على عدد من أنواع السكن (فلل، وحدات سكنية، إستديوهات) هذا التنوع يوجد العديد من
الفرص للسكن في الحي السكني بحسب اختلاف دخل الأفراد. بالإضافة إلى أن التنوع هذا
يساهم جداً في ضبط الكثافة السكانية في الحي (المعيار الرابع) من خلال توفير عدد
مناسب من الوحدات السكنية وحسب الكثافة المطلوبة. يرى بعض المعماريين أن التنوع
هذا يساهم أيضاً في إيجاد بيئة معمارية متنوعة من حيث التصاميم والارتفاعات في
الحي السكني، وهو ما يزيد عملية التفاعل بين السكان والبيئة السكنية.
المعيار
السابع: تقليل الضرر البيئي (Resilient & Low Impact Neighborhoods):
ظهر
المعيار في السنوات القليلة الماضية، بعد رصد لعدد من الاتجاهات العمرانية التي
ساهمت ف تفاقم مشاكل بيئة باعتمادها على التطور الصناعي في مجال البناء والعمران،
سواء من حيث المخلفات أو مواد البناء أو حتى من استنزاف الموارد الطبيعية. يعتبر
هذا المعيار عام إلى حد ما. حيث يضم العديد من المعايير الثانوية والتي تعتبر مهمة
في حد ذاتها. لكن يمكن القول أن المباني الخضراء والتصميم المناخي للحي السكني والمباني
قد تساهم في تقليل الضرر الناتج على الطبيعة.
المعيار
الثامن: الأمن والأمان (Safe and Secure Neighborhoods):
من المهم
جداً تخطيط الأحياء السكنية ضمن إطار سلامة الساكنين، ويشمل هذا المعيار جانبين،
الأول يتعلق بالأمن داخل الحي السكني والتقليل من إمكانيات حدوث جرائم التعدي أو
السرقة، وذلك من خلال اختيار لأنماط تخطيطية تساهم في عدم وجود مناطق داخل الحي
السكني تساهم في حصول هذه الجرائم كالمناطق الغير مرئية أو الأزقة أو عدم إضاءة
الأماكن. أما الجانب الثاني فيتعلق بأمان وسلامة الساكنين من حيث الحوادث
والإصابات التي ممكن أن تحدث داخل الحي، كالتقاطعات المرورية أو وجود مناطق خطيرة
في الحي. ويدخل في ذلك أيضاً خطة الإخلاء والطوارئ ومكافحة والسيطرة على الحرائق.
المعيار
التاسع: التميز (Unique
Neighborhoods):
يجب أن يكون لكل حي ميزة تميزه عن بقية الأحياء
السكنية، بعض الأحياء تمتاز بمواقعها وأخرى بجمال تصميمها. لكن الأهم هو أن يكون
الحي مميز على عدة مستويات. تساهم هذه المميزات في جذب السكان إلى الحي، خصوصاً
تلك الأحياء السكنية الجديدة, ولذلك يهتم المخططون بهذا الجانب أثناء تصميم وتخطيط
الأحياء السكنية الجديدة.
تلعب خطة
النمو والتطور للحي السكني دوراً مهماً كميزة، فعندما يكون الحي ذا رؤية واضحة
يساهم ذلك في زيادة رغبة السكان للانتقال لهذا الحي السكني، البعض يستخدم تصاميم
معمارية معينة أو مواد تشطبيه محددة كنوع من التميز، وأي كان التوجه فأنه لابد أن
يكون ملائم للمجتمع المستهدف.