ترتبط
المدرجات بالمعماريين عبر التاريخ، فهي من أوائل المباني التي قام بتصميمها
معماريو الحضارات. ولا تزال تلك الإنشاءات تزين تراث الإنسانية حتى يومنا هذا. ومن
تلك الأيام إلى عصرنا الحالي، تغيرت أفكار ومتطلبات المدرجات وتعددت استخداماتها،
فأصبح لكل نشاط شروطه ومتطلباته ومعاييره. في هذا العدد اخترنا المدرجات الرياضية
كقضية التصميم.
يعتمد
تصميم المدرجات الرياضية اليوم على اللعبة الموجودة في أرضية الملعب، فهل هي كرة
قدم؟ أم كرة سلة؟ بيسبول، مسبح؟ أم ماذا؟. هذه النقطة تُعد الركيزة الأولى نحو
تصميم المدرجات الرياضية، والتي بناءً عليها، سيتم تحديد العديد من القرارات
اللاحقة، كنوعية التغطية، درجة الانغلاق، زاوية النظر والمساحات الجانبية وغيرها
من اشتراطات اللعبة وقواعدها. إلا أن هناك معايير أساسية عامة يجب أخذها بعين
الاعتبار عند تصميم المدرجات الرياضية على اختلافها. هذه المعايير يمكن استعراضها
على النحو التالي:
أولاً: الوصولية:
من
المهم جداً الأخذ بالاعتبار، عند تصميم أي مدرج رياضي، كيفية وصول المشاهدين أو
المشجعين إلى المدرج أو الملعب. هذه العملية تتطلب تحديد نوعية المواصلات المتاحة
وعلاقتها بالمدرج من حيث المداخل والمسارات. فالزوار اللذين يستخدمون المترو أو
الباص يختلفون عن أولئك اللذين يحضرون بسياراتهم الخاصة. ولذلك من المهم جداً
تحديد كيفية الوصول والتوزيع تدريجياً من الخارج إلى الداخل، خصوصاً في الإستاد
الرياضي والذي يصل عدد المتفرجين فيه إلى عشرات الآلاف.
ثانياً: مقاعد الجلوس وزوايا النظر:
تعتبر
مقاعد الجلوس العنصر الأساسي في المدرجات الرياضية، وتشكل الميزة الاستثمارية من
خلال المبيعات. فمشاهدة اللعبة من زاوية النظر الصحيحة تُعد هي المتعة الأساسية.
ولذلك يتم تنظيم وتوزيع مقاعد الجلوس إلى عدة مناطق حسب زوايا النظر. مثلاً في كرة
السلة، تُعد الصفوف الأمامية والقريبة من أرضية الملعب أفضل من تلك العلوية في
الخلف. بينما عادةً ما تكون المنصات للشخصيات العامة في كرة القدم والبيسبول في
المستويات العلوية وبزاوية نظر شاملة على جميع أرضية الملعب.
ثالثاً: غرف المحترفين:
يُفصل
أن يكون هناك مداخل منفصلة وخاصة للفرق واللاعبين، والتي تقود بشكل مباشر نحو
الغرف المخصصة لهم، لتبديل الملابس والاستعداد لما قبل مباريات اللعبة. هذه
الأماكن تكون أيضاً مفصولة لكل فريق عن الآخر، ويمكن جمعهم في الممر المؤدي إلى
أرضية الملعب. وجرت العادة أن تكون هذه الغرف بالإضافة إلى الخدمات ومكاتب الإدارة
والصيانة تحت المدرجات، للاستفادة من الارتفاع الذي تحده هذه المدرجات.
رابعاً: المنصات الإعلامية:
يُغطي
الإعلام المرئي والمسموع الألعاب الرياضية على مختلف أنواعها. ولذلك من المهم جداً
الأخذ بعين الاعتبار (الإعلاميين) كمسار ثالث، سواء من حيث منصات المشاهدة، والتي
يجب أن تكون معزولة عن الجماهير تفادياً لحدوث الإحتكاك أو لتميزهم، أو حتى من حيث
تجهيز الغرف الخاصة بالتعليق والنقل المرئي لمجريات اللعبة واللقاءات الإعلامية
قبل وبعد المباريات.
خامساً: الخدمات المساندة:
تتعدد
الخدمات المساندة وتختلف من مدرج رياضي لآخر حسب الحاجة والنوعية والعدد المتوقع
للمشاهدين. هذه الخدمات تشتمل على عدد من الأساسيات، كدورات المياه، العيادات
الأولية، المواقف، المطاعم، مكاتب الشرطة المؤقتة ومواقف الدفاع المدني. وقد تتوسع
هذه الخدمات بحسب نوعية الاستثمار وثقافة الجمهور، وتمثل الخدمات المساندة ميزة
إستثمارية لتشغيل المدرجات الرياضية، فمن خلالها يمكن تحقيق مردود مالي يساع على
صيانة الملعب وتشغليه لفترات طويلة، دون أن تتكلف الجهات المعنية تكاليف الصيانة
والتشغيل.
سادساً: الأمان والسلامة:
تُعد
المدرجات الرياضية من أكثر المنشئات تعرضاً للحوادث الأمنية والكوارث،وبشكل أكبر
عن غيرها من المنشئات. والسبب يعود إلى حجم أعداد الزوار ونوعية النشاط الشبه ثابت
لهم، فعملية الدخول تكون جماعية، ثُمَّ المشاهدة ومن ثَمَّ الخروج في وقت واحد. كل
ذلك يكون عبر بوابات، يجب أن تستوعب الخروج الجماعي في حالات الحريق لا سمح الله.
لذلك يفضل عادةً تكثيف وزيادة عدد المداخل ومخارج الطوارئ وفق تقسيمات المدرجات،
بحيث يمكن أن تتم عملية الإخلاء الجماعي في وقت قياسي تفادياً لحدوث خسائر في
الأرواح لا قدر الله.